ربما تكون السببية من اقوى الاليات التي يعمل بها العقل البشري فلا أثر بدون مؤثر ولا سبب بدون مسبب وربما لا نبالغ إذا قلنا أن مفهوم العلم الحديث قام على مبدأ السببية ولكن السؤال الاهم هنا هل يجب ان تتفق النتيجة مع المقدمات من حيث القوة والتأثير أو بمعنى أخر هل التغيير القوي والجذري يجب أن تتبعه نتائج قوية وملحوظه قد يكون هذا القانون صائب بشكل كبير في الميكانيكا وكلنا يعرف القانون الثالث لنيوتن والذي صار مثلا شائعا لدى الكثير وفي الكثير من المواقف (( لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد في الاتجاه )) ولكن في عالم التغذية يختلف الامر قليلا فلكل فعل رد فعل بالتبعية ولكن قد لا يكون مساو له في القوة وغالبا ما يكون ذوي اتجاهات متعددة .

إن أهم ما يجب علينا الايمان به حين اتخاذ القرار الخاص بتحسين الانماط الغذائية لدينا هو الخروج من نمط التفكير المسيطر على المجتمع ومحاولة الخروج من قفص العادات والمسلمات الذهنية والاحكام المسبقة يجب ان ندرك أننا الان في مرحلة صراع مع عقولنا في المقام الاول ولكي ننتصر لابد أن نفهم كيف يعمل العقل ؟

قد يخدعك عقلك ويرواغ ويوحي اليك أن النتائج القوية والملحوظه في رحلة (الدايت) أو خفض الوزن تتطلب مجهود شاق وتغيير جذري والحقيقة غير ذلك لأننا في البداية يجب ان نتفق على أن تراكم الخطأ والخضوع للعادات الغير سليمة والاستسلام للواقع لا يمكن اصلاحه بضربة واحده مهما كانت قوتها فلكي نعكس النتيجه يجب ان نعكس التأثير ولكي ندرك التاثير لابد أن نعي الماضي بشكل جيد ونتأمل البداية بعناية 

أكثر ما يطمح إليه العقل البشري هو اختزال الطاقة وعدم زيادة الجهد والدليل أن كل عمل تقوم به في البداية يكون في بؤرة الوعي ومجال التفكير وبعد فترة وتحت التكرار يحوله العقل إلى عادة ويبدا العمل يختفي من وعيك وتفكيرك وتصبح مجرد ألة لا تعي ما تفعل انظر إلى رحلتك إلى العمل بدابة من الاستيقاط ودخول الحمام وارتداء الملابس وقيادة السيارة ودخولك للمكتب ستجد انه لا شيء من تلك الاعمال تفعله وان تفكر فيه او تعيه بشكل كامل وكذلك الصلاة والدعاء والاذكار نرددها غالبا دون فهم معناها والدخول الى صفحات التواصل الاجتماعي والجلوس مع الاسرة والاصدقاء في المقهى ومهاتفة بعض الاشخاص في مناسبات معينة كل ذلك تحول بالتكرار إلى عادات ولا يختلف النمط الغذائي والطريقة التغذية كثيرا عن هذه العادات لأن اكثر ما يجب علينا تكراره في اليوم هو الأكل وبالتالي نجد أن عقولنا قد حولت الغذاء إلى عادة لانفكر فيها ولا نعيها بشكل كبير وإذا حاولنا وضعها في بؤرة التفكير لنسلط عليها الضوء فاجانا العقل الجمعي بخرافات كثيرة عن الصحة والغذاء توارثناها ايضا ورددناها دون وعي او نقد أو تفكير 

في عالم التغذية كل التاثيرات الطفيفة والتي نعتبرها بعقولنا الحالية وأنماط تفكيرنا الحالية غير ذات تأثير وبدون أهمية تحدث تاثيرا تراكميا هائلا ونتائج كبيرة والأهم من هذه النتائج هو خلق عادة صحيحه ونمط صحيح يهدف إلى حياة اكثر صحة وسعادة.


                                                                                                                                                  M.H.A

                                                                                                                                               21-07-2023


بحث عن المقالات

أحدث المقالات

يعمل بواسطة:

نايوش | naiosh